للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) أي إنه تعالى لو أظهر تلك المعجزات القاهرة ثم لم يؤمنوا بها بل بقوا مصرين على كفرهم لاستحقوا عذاب الاستئصال كما هى سنتنا فى الأمم السالفة، لكن هذا العذاب على هذه الأمة لا يكون، لأن الله يعلم أن فيهم من سيؤمنون أو يؤمن أولادهم، فلم يجبهم إلى ما طلبوا ولم يظهر لهم تلك المعجزات.

والخلاصة- إنه ما ما منعنا من إرسال الآية التي سألوها إلا تكذيب الأولين بمثلها، فإن أرسلناها وكذب بها هؤلاء عوجلوا ولم يمهلوا كما هو سنة الله فى عباده.

روى أحمد عن ابن عباس قال: «سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلّم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحّى الجبال عنهم فيزرعوا، فقيل له إن شئت أن نستأنى بهم، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا، فإن كفروا هلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم، قال بل نستأنى بهم وأنزل الله (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) الآية» .

وأخرج البيهقي فى الدلائل عن الربيع بن أنس قال: قال الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلّم «لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم، فإن عصيتم هلكتم فقالوا لا نريدها» .

ثم بين أن الآيات التي التمسوها هى مثل آية ثمود وقد أوتوها واضحة بينة فكفروا بها فاستحقوا العذاب، فكيف يتمنى مثلها هؤلاء على سبيل الاقتراح كما قال:

(وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها) أي وقد سألت ثمود من قبل قومك الآيات فآتيناها ما سألت، وجعلنا لها الناقة حجة واضحة دالة على وحدانية من خلقها وصدق رسوله الذي أجيب دعاؤه فيها، فكفروا بها ومنعوها شربها وقتلوها، فأبادهم الله، وانتقم منهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

(وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) أي إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الآيات، لعلهم يعتبرون ويذّكّرون فيرجعوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>