الأسرى على الافتداء، وإعانة المكاتبين على أداء نجومهم (المكاتب هو الرقيق يشترى نفسه من مولاه بثمن يجعله نجوما (أقساطا) .
وفي جعل هذا نوعا من البذل واجبا على المسلمين، دليل على رغبة الشارع في فكّ الرقاب، واعتباره أن الإنسان خلق ليكون حرا إلا في أحوال عارضة تقضى المصلحة العامة فيها أن يكون الأسير رقيقا.
والبذل لهذه الأصناف لا يتقيد بزمن معين، ولا بامتلاك نصاب محدود من المال ولا بتقدير المال المبذول بمقدار معين كالزكاة الواجبة، بل هو موكول إلى أريحيّة المعطى وحال المعطى.
وقد أغفل الناس أداء هذه الحقوق التي حث عليها الكتاب الكريم، مع ما فيها من التكافل العامّ بين المسلمين، ولو أدوها لكانوا في معايشهم من خير الأمم، ولدخل كثير من الناس في الإسلام، لما يرون فيه من جميل العناية بالفقراء، وأن لهم حقوقا فى أموال الأغنياء، فتتوثق الصلة بين الطوائف المختلفة من المسلمين.
(وَأَقامَ الصَّلاةَ) أي أداها على أقوم وجه، ولا يتحقق ذلك بأداء أفعال الصلاة وأقوالها فحسب، بل إنما يكون بوجود سرّ الصلاة وروحها، ومن آثاره تحلّى المصلى بالأخلاق الفاضلة، وتباعده من الرذائل، فلا يفعل فاحشة ولا منكرا، كما قال تعالى مبينا فوائدها:«إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ» ولا يكون هلوعا جزوعا إذا مسه الضرّ، ولا بخيلا منوعا إذا ناله الخير كما قال عزّ اسمه:«إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ» كما لا يخشى فى الحق لوم اللائمين، ولا يبالى في سبيل الله ما يلقى من الشدائد، ولا بما ينفق من فضله ابتغاء مرضاته.
(وَآتَى الزَّكاةَ) أي أعطى الزكاة المفروضة، وقلما تجئ الصلاة في القرآن الكريم إلا وهى مقترنة بالزكاة ذاك أن الصلاة تهذب الروح، والمال قرين الروح، فبذله