(عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) أي افعل هذا الذي أمرتك، لنقيمك يوم القيامة مقاما يحمدك فيه كل الخلائق وخالقهم تبارك وتعالى.
قال ابن جرير: قال أكثر أهل العلم: ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلّم يوم القيامة للشفاعة للناس، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة فى ذلك اليوم.
أخرج النسائي والحاكم وجماعة عن حذيفة رضى الله عنه قال: «يجمع الله الناس فى صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، حفاة عراة كما خلقوا، قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه، فينادى يا محمد، فيقول (لبّيك وسعديك، والخير فى يديك، والشر ليس إليك، والمهدىّ من هديت وعبدك بين يديك، وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك ربّ البيت) فهذا هو المقام المحمود الذي ذكره الله» اه.
وروى البخاري عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:«من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلّت له شفاعتى» .
وروى الترمذي عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبى يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائى» الحديث.
وسر هذا- أن الهداة فى الأرض، وهم الأنبياء ومن سلك نهجهم من الأئمة والعلماء، لا تشرق قلوبهم إلا بتوجههم إلى الله فى أوقات الصلوات، فإذا قاموا للخلق داعين أشرقت مرايا نفوسهم الصافية على من يدعونهم من العباد، فتضىء نفوسهم، فيستجيبون لدعوتهم، ويكون لهم المقام المحمود بينهم، والثناء العظيم الذي هم له أهل:
إلى أنهم يحسون فى أنفسهم سرورا ولذة، وبهجة ورضا، فيحمدون مقامهم كما حمدهم الناس من حولهم، والله والملائكة من فوقهم.