وإذا قتل عبد عبدا قتل به لا سيده ولا أحد الأحرار من قبيلته، وكذلك تقتل المرأة إذا قتلت ولا يقتل أحد فداء منها.
والخلاصة- إن القصاص على القاتل أيا كان لا على أحد من قبيلته، ولا فرد من أفراد عشيرته.
قال البيضاوي في تفسيره: كان بين حيين من العرب دماء في الجاهلية، وكان لأحدهما طول (فضل وشرف) على الآخر، فأقسموا لنقتلنّ الحرّ منكم بالعبد والذكر بالأنثى، فلما جاء الإسلام تحاكموا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية وأمرهم أن يتبارءوا (يتساووا) .
وقد جرى العمل من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتل الرجل بالمرأة، والحر بالعبد إذا لم يكن سيده، فإن كان هو عزّر بشدة تمنع أمثال هذا الاعتداء، ولا يقتل الوالد بولده، لأن المقصد من القصاص ردع الجاني عن الاستمرار في مثل هذه الجناية، والوالد بفطرته مجبول على الشفقة على ولده حتى ليبذل ماله وروحه في سبيله، وقلما يقسو عليه، ولكن كثيرا ما يقسو الولد على والده، وللحاكم أن يعزر قاتل ولده بما يراه زاجرا لأمثاله ومربّيا لهم.
وبعد أن ذكر وجوب القصاص وهو أساس العدل، ذكر هنا العفو وهو مقتضى التراحم والفضل قال:
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) أي فمن عفى له عن جنايته من جهة أخيه ولىّ الدم، ولو كان العافي واحدا إن تعددوا وجب اتباعه وسقط القصاص، وقد جعل هذا الحق لأولياء المقتول وهم عصبته الذين يعتزون بوجوده، ويهانون بفقده، ويحرمون من رفده وعونه، فمن أزهق روحه كان لهم أن يطلبوا إزهاق روحه، إذ تحفزهم إلى ذلك النّعرة القومية والمصلحة، فإذا طلبوا ولم يقتصّ الحاكم، فربما احتالوا للانتقام، وفشا التشاحن والخصام، ولكن إن جاء العفو من جانبهم أمنت الفتنة، وليس للحاكم أن يمتنع من العفو إذا رضوا به، ولا أن يستقلّ بالعفو إذا