وفى قولهم (هذه) إشارة إلى أن القائل كان قد أحضرها ليناولها بعض أصحابه، وإلى أن التأهب لأسباب المعاش بحمل الدراهم ونحوها لمن خرج من منزله، لا ينافى التوكل على الله كما
(وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) أي وليترفق فى دخول المدينة، وفى شرائه، وفى إيابه منها، ولا يخبرنّ بمكانكم أحدا من أهلها.
ثم ذكروا تعليل الأمر والنهى السالفين بقولهم:
(إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) أي إن الكفار إن علموا بمكانكم ولم تفعلوا ما يريدون منكم، بل ثبتم على إيمانكم، إما أن يقتلوكم رميا بالحجارة، وكان ذلك هو المتبع فى الأزمنة الغابرة فيمن يعلن خلاف ما عليه الجماهير فى الأمور الدينية والسياسية التي لها شأن فى الدولة، وإما أن يعيدوكم إلى ملة آبائكم التي هم مستمسكون بها.
(وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) أي وإن دخلتم فى ملتهم ولو بالإكراه والقسر لن تفوزوا بخير لا فى دنياكم ولا فى آخرتكم، إذ ربما استدرجكم الشيطان إلى أن تستحسنوا ما ستعتنقونه من ذلك الدين الجديد، وتستمرئوه فتستمروا عليه فيكون قد كتب عليكم الشقاء عند ربكم، والخذلان الذي لا خذلان بعده.
(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) أي وكما بعثناهم بعد طول رقدتهم كهيئتهم حين رقدوا، ليتساءلوا بينهم فيزدادوا بصيرة بعظيم سلطانه تعالى، ومعرفة حسن دفاع الله عن أوليائه- أعثرنا الفريق الآخر الذين كانوا فى شك من قدرة الله على إحياء الموتى، وفى مرية من إنشاء أجسام خلقه كهيئتهم يوم قبضهم بعد البلى، ليعلموا أن وعد الله حق، ويوقنوا أن الساعة آتيا لا ريب فيها، إذ لا حجة لمن أنكرها إلا الاستبعاد، ولكن وقوع ذلك الأمر العظيم