للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة ذلك- إن المؤمن رجا هلاك جنة صاحبه الكافر إما باقة سماوية أو بآفة أرضية وهى غور مائها، وكلناهما تتلف الشجر والزرع والكرم.

ثم أخبر سبحانه بأنه قد حقق ما قدره هذا المؤمن فقال:

(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) أي وأحاطت الجوائح بثمار جنته التي كان يقول فيها: ما أظن أن تبيد هذه أبدا- فأصبح يقلب كفيه ندما وأسفا على ضياع نفقته التي أنفقها فى عمارتها حين رآها ساقطة على عروشها، ويتمنى أن لم يكن قد أشرك بربه أحدا.

ولخلاصة- إنه لما أنفق عمره فى تحصيل الدنيا وأعرض عن الدين، ثم ضاعت منه الدنيا حرم الدين والدنيا معا، ومن ثم عظمت حسرته وقال: ليتنى لم أشرك بربي أحدا.

(وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً) أي ولم تكن له عشيرة ممن افتخر بهم واستعز ينصرونه ويقدرون على دفع الجوائح عنه أو رد المهلك له، من دون الله، فإن الله هو الذي يقدر وحده على نصره، وما كان منتصرا بقوته عن انتقام الله منه بإهلاك جنته.

وخلاصته- إنه لا يقدر على نصره إلا الله، ولا ينصره غيره من عشيرة وولد، وخدم وحشم وأعوان، كما لا يقدر أن ينتصر لنفسه.

ثم أكد الجملة السالفة وقرر المراد منها بقوله:

(هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) أي فى مثل هذه الشدائد والمحن- النصرة لله وحده لا يقدر عليها غيره.

(هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) أي هو خير جزاء وخير عاقبة لأوليائه، فينتقم لهم منهم، ويفوض أمرهم إليهم.

وبعد أن ضرب المثل لدنيا هؤلاء الكافرين التي أبطرتهم، وكانت سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>