(وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) أي وجمعنا الأولين والآخرين للحساب بعد أن أقمناهم من قبورهم، فلم نترك منهم أحدا لا صغيرا ولا كبيرا كما قال:«قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ» وقال: «ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ»
وعن عائشة رضى الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول «يحشر الناس حفاة عراة غرلا (الغرلة القلفة) فقلت: الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال الأمر أشد من أن يهمّهم ذلك» زاد النسائي فى رواية «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» .
ولما ذكر سبحانه حشر الخلق بين كيفية عرضهم على ربهم فقال:
أي يعرض الخلق كلهم على الله صفا واحدا كما قال:«وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» ويقال لهم على طريق التوبيخ والتقريع: لقد جئتمونا أيها الناس أحياء كهيئتكم حين خلقناكم أول مرة فرادى حفاة عراة لا شىء معكم من المال والولد.
وفى هذا زجر لأولئك المشركين المنكرين للبعث الذين يفخرون فى الدنيا على الفقراء من المؤمنين بالأموال والأنصار.
أخرج ابن المنذر عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:«إن الله تعالى ينادى يوم القيامة: يا عبادى أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين، أحضروا حجتكم. ويسّروا جوابكم، فإنكم مسئولون محاسبون، يا ملائكتى أقيموا عبادى صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب» .
وفى الحديث الصحيح «يجمع الله تعالى الأولين والآخرين فى صعيد واحد صفوفا يسمعهم الداعي وينفذهم البصر»