(ا) إن موسى بعد أن أنزلت عليه التوراة وكلمه الله بلا واسطة، وحجّ خصمه بالمعجزات العظيمة التي لم يتفق مثلها لأكثر الأنبياء- يبعد أن يبعثه الله بعد ذلك ليستفيد علما من غيره- وردّ هذا بأنه لا يبعد بأن العالم الكامل فى أكثر العلوم يجهل بعد أشياء، فيحتاج فى تعلمها إلى من دونه، وهذا مشاهد معلوم.
(ب) إن موسى عليه السلام بعد خروجه من مصر وذهابه إلى التيه توفّى ولم يخرج قومه منه إلا بعد وفاته، ولو كانت هذه القصة معه لا قتضت خروجه من التيه، لأنها لم تكن وهو فى مصر بالاتفاق.
(ح) إنها لو كانت معه لا قتضت غيبته أياما، ولو كان كذلك لعلمها الكثير من بنى إسرائيل الذين كانوا معه ونقلت لتوافر الدواعي على نقلها، ولم يكن شىء من ذلك، فإذا لم تكن معه- وردّ هذا بأنه قد يكون موسى عليه السلام خرج وغاب أياما، لكن لم يعلموا أنه ذهب لهذا الغرض، بل ذهب ليناجى ربه، ولم يقفهم على حقيقة غيبته بعد أن رجع، لعلمه بقصور فهمهم، فخاف من حط قدره عندهم، فأوصى فتاه بكتمان ذلك.
وعلى الجملة فإنكارهم لا يؤبه به، وهو جائز عقلا وقد أخبر به سبحانه رسوله (٢) من فتاه؟
فتى موسى- هو يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف عليه السلام، وقد كان يخدمه ويتعلم منه، والعرب تسمى الخادم فتى، لأن الخدم أكثر ما يكونون فى سن الفتوّة كما يطلقون على العبد فتى،
وفى الحديث الصحيح «ليقل أحدكم فتاى وفتاتى، ولا يقل عبدى وأمتى»
وهذا من محاسن الآداب الشرعية.
(٣) من الخضر؟
الخضر (بفتح الخاء وكسرها وكسر الضاد وسكونها) لقب لصاحب موسى، واسمه بليا (بفتح الباء وسكون اللام) ابن ملكان، والأكثرون على أنه كان نبيا، ولهم على ذلك أدلة: