أي حتى إذا وصل بين الجبلين، (وقد تقدم وصف مكانهما بالتحديد كما رآه السائحون فى القرن الخامس عشر الميلادى) وجد من دونهما أمة من الناس لا يكادون يفهمون كلام أتباعه ولا كلام غيرهم، لبعد لغتهم عن لغات غيرهم، مع قلة فطنتهم، إذ لو كان لهم فطنة لفهموا ما يراد من القول بالقرائن وفحوى الحال.
(قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض) أي قال مترجموهم إن يأجوج ومأجوج يفسدون أرضنا بالقتل والتخريب وأخذ الأقوات وسائر ضروب الإفساد (تقدم تحقيق القوم فى ذلك) .
(فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا؟) أي فهل تحب أن تجعل لك جعلا من أموالنا فتجعل بيننا وبينهم حاجزا يمنعهم من الوصول إلينا؟.
وخلاصة ذلك- إنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم ما لا يعطونه إياه حتى يجعل بينهم وبينهم سدا.
(قال ما مكنى فيه ربى خير) أي قال ذو القرنين: إن ما مكننى فيه ربى من بسطة الملك والسلطان ووفرة المال- خير مما تبذلونه لى من الخراج، فلا حاجة بي إليه، وهذا نحو ما قاله سليمان عليه السلام «أتمدونن بمال فما آتانى الله خير مما آتاكم» .
والدول القوية يجب أن تحافظ على الدول الضعيفة، ولا تأخذ منها مالا مادامت قادرة على إغاثتها.
وخلاصة ذلك- ما أنا فيه خير مما تبذلونه.
(فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) أي ولكن ساعدونى بفعلة وصنّاع يحسنون العمل والبناء، أجعل بينكم وبين يأجوج ومأجوج سدا منيعا، وحاجزا حصينا أمنع مما تريدون.
ثم بين تلك القوة التي طلبها فقال:
(آتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله