أو ما جاءكم عن نبيكم (وعليكم أن تمنعوا من السفاهة غنيّكم، وعن ظلم الضعيف غويّكم) أو ما بلّغكم عنه مرشدوكم (اتركوا الترك ما تركوكم) وكيف تؤذون الجار وتسيئون الجوار. ونبيكم قد أوصى به ... ألا إن الفتنة نائمة فلا توقظوها، وهذه وصاياي إليكم فعوها واحفظوها، وتلافئوا التلف قبل أن ينهض داعى الانتقام، وينفتح عليكم سد يأجوج ومأجوج، وسينصر الله المظلوم ولينسلنّ عليكم يأجوج ومأجوج من كل حدب اه ملخصا.
روى البخاري عن أم حبيبة بنت أبى سفيان عن زينب بنت جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب فقلت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون فقال: نعم إذا كثر الخبث» .
ولقد اتسع ذلك الفتح من هذا التاريخ شيئا فشيئا حتى فتح عن آخره فى القرن السابع الهجري، وخرج هؤلاء القوم كما قدمنا، وقد عثر على آثاره كما علمت فيما سلف.
(وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض) أي ويوم يدك السد يخرج هؤلاء من ورائه يموجون فى الناس، ويفسدون عليهم زروعهم ويتلفون أموالهم، وهذا بمعنى قوله فى سورة الأنبياء:«حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون» أي وهم من كل مرتفع من الأرض يسرعون فى النزول من الآكام والمرتفعات، وتلك حال تنطبق على قوم جنكيزخان، فقد كان خروجهم من هضبات آسيا الوسطى، كما تقدم نقلا عن مؤرخى العرب والإفرنج.
كل هذا قبل النفخ فى الصور بزمن مجهول غير معلوم.
(ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا) أي فإذا دنا ميقات الساعة نفخ فى الصور وجمعنا الناس جمعا، وأحضرناهم للحساب كما قال:«قل إن الأولين والآخرين. لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم» وقوله: «وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا» .