للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) (سأستغفر لك ربى) أي سأطلب لك من ربى الغفران، بأن يوفقك للهداية، وينير بصيرتك لقبول الحق، ويرشدك إلى ما فيه الخير.

ونحو الآية قوله: «واغفر لابى إنه كان من الضالين» .

وقصارى دعائه- رب اهد أبى، وأخرجه من الضلال.

وإنما استغفر له، لأنه كان قد وعده أن يؤمن كما قال: «وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه» .

ثم ذكر أنه محبب إلى ربه فإذا هو استغفر له أجاب طلبه فقال:

(إنه كان بى حفيا) أي إنه سبحانه للطفه بي، وإنعامه علىّ، عوّدنى الإجابة، فإذا أنا استغفرت لك أغاثك بجوده وكرمه، وغفر لك ذنوبك إن تبت إليه وأنبت ثم بين ما بيّت النية عليه، وعزم على إنفاذه فقال:

(وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) أي وأتباعد عنك وعن قومك وعما تعبدون من الأوثان والأصنام، وأفر بديني وأتشاغل بعبادة ربى الذي ينفعنى ويضرنى، إذ لم تؤثر فيكم نصائحى.

وقد روى أنه عليه السلام هاجر إلى بلاد الشام، وفى هجرته هذه تزوج سارّة.

(وادعوا ربى) أي وأعبده سبحانه وحده، وأجتنب عبادة غيره من المعبودات.

(عسى ألا أكون بدعاء ربى شقيا) أي لعلى لا أكون بدعاء ربى المنعم علىّ خائب المسعى، كما خبتم أنتم وشقيتم بعبادة تلك الأوثان التي لا تجيب دعاءكم ولا تنفعكم ولا تضركم.

وقد حقق ما عزم عليه، فحقق الله رجاءه، وأجاب دعاءه فقال:

(فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب، وكلا جعلنا نبيا) أي فلما اعتزل إبراهيم أباه وقومه لم يضره ذلك لا فى دين ولا دنيا، بل نفعه إذ أبدله بهم من هم خير منهم ووهبه بنين وحفدة هم آباء الأنبياء من بنى إسرائيل

<<  <  ج: ص:  >  >>