الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك، فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون»
وقال:«إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» وقال حاكيا عنهم: «ما كانوا إيانا يعبدون» ويكونون أعداء لهم وأعوانا عليهم إذ يلعنونهم ويتبرءون منهم.
وبعد أن ذكر سبحانه ما لهؤلاء الكفار مع آلهتهم فى الآخرة، ذكر ما لهم مع الشياطين فى الدنيا، وأنهم يتولّونهم وينقادون لهم فقال:
(الم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) أي ألم تعلم أنا سلطنا الشياطين على الكافرين ومكناهم من إضلالهم، فهم يغرونهم بالمعاصي، ويهيجونهم على الوقوع فيها.
وخلاصة ما سلف- تعجيب رسوله صلّى الله عليه وسلّم مما حكته الآيات السالفة عن هؤلاء الكفرة من تماديهم فى الغى، وانهما كهم فى الضلال، وتصميمهم على الكفر بدون رادع ولا زاجر، ومدافعتهم للحق مع وضوحه، وتنبيه له إلى أن ذلك إنما كان بإضلال الشياطين وإغوائهم، لا لقصور فى التبليغ.
وفى هذا تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتهوين للأمر على نفسه.
(فلا تعجل عليهم) بأن تطلب إهلاكهم وإبادتهم بعذاب الاستئصال حتى تطهر الأرض من خبائث أعمالهم.
ثم علل هذا النهى بأن حين هلاكهم قريب فقال:
(إنما نعد لهم عدا) أي إنه لم يبق لهم إلا أيام وأنفاس قليلة نعدّها عدا، وعن ابن عباس أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: آخر العدد خروج نفسك. آخر العدد فراق أهلك، آخر العدد دخول قبرك- وعن ابن السماك أنه كان عند المأمون فقرأ الآية ثم قال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفذ:
إن الحبيب من الأحباب مختلس ... لا يمنع الموت بواب ولا حرس
وكيف يفرح بالدنيا ولذتها ... فتى يعدّ عليه اللفظ والنفس