وإجمال سؤاله- إنه إذا كان الأمر كما ذكرت ففضّل لنا حال الماضين من سعادة وشقاء، فرد عليه السلام عليه بأن علم ذلك إلى الله ثم عاد إلى تتميم كلامه الأول بإبراز الدلائل على الوحدانية فقال:
(الذى جعل لكم الأرض مهدا) أي ربى الذي لا يضل ولا ينسى هو الذي جعل لكم الأرض كالمهاد، تتمهّدونها وتستقرون عليها، فتقومون وتنامون وتسافرون على ظهرها.
(وسلك لكم فيها سبلا) أي وجعل لكم فيها طرقا بين الجبال والأودية تمشون فى مناكبها وتسلكونها من قطر إلى قطر، لتقضوا مآربكم، وتنتفعوا بمرافقها.
ونحو الآية قوله:«وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون» .
(وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى) أي وأنزل من السماء مطرا فأخرج به مختلف أنواع النبات من زروع وثمار حامضة وحلوة وهى أيضا مختلفة النفع واللون والرائحة والشكل، بعضها يصلح للإنسان، وبعضها يصلح للحيوان وفى هذا بيان لنعمه على خلقه بما يحدث لهم من الغيث الذي يولد تلك المنافع.
(كلوا وارعوا أنعامكم) أي فأخرجنا أصناف النبات قائلين لكم كلوا وارعوا أنعامكم إلخ. فشىء منها أعد لطعامكم وفاكهتكم، وشىء أعد لأنعامكم قوتا لها أخضر ويابسا.
(إن فى ذلك لآيات لأولى النهى) أي إن فيما وصفت لكم من قدرة ربكم وعظيم سلطانه- لأدلة على وحدانيته وأنه لا إله غيره إذا كنتم من ذوى العقول الراجحة، والأفكار الثاقبة.
ولما ذكر سبحانه منافع الأرض والسماء بين أنها غير مقصودة لذاتها، بل هى وسائل إلى منافع الآخرة فقال:
(منها خلقناكم) أي من الأرض خلقنا النطفة المتولدة من الأغذية التي تكونت