قبول الحق وعن النظر الموصل إليه، فلا يتأملون حجة، ولا يتدبرون برهانا، ولا يتفكرون فى دليل.
ثم أكد ما تقدم من أدلة التوحيد فقال:
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) أي وما أرسلنا رسولا إلى أمة من الأمم إلا أوحينا إليه أن لا معبود فى السموات والأرض إلا أنا، فأخلصوا لى العبادة وأفردوا لى الألوهة.
وخلاصة ذلك- إن الرسل جميعا أرسلوا بالإخلاص والتوحيد لا يقبل منهم سواه ونحو الآية قوله:«واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا، اجعلنا من دون الرّحمن آلهة يعبدون؟» وقوله: «وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ» .
وبعد أن بيّن سبحانه بالدلائل الباهرة أنه منزه عن الشريك والندّ- أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال:
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) أي وقال فريق من هؤلاء المشركين وهم بطون من خزاعة وجهينة وبنى سلمة- الملائكة بنات الله، فرد الله تعالى عليهم بقوله:(سُبْحانَهُ) أي تنزيها له عن ذلك، لأن الولد لا بد أن يكون شبيها بالوالد، فلو كان له ولد لأشبهه ولا مجانسة بين النعمة والمنعم، والخالق والمخلوق.
ثم أكد إبطال ما سلف بقوله:
(بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) أي ليس الملائكة كما قالوا، بل هم عباد مخلوقون له تعالى، فهم ملكه لكنهم مقربون عنده فى منازل عالية، ومقامات سامية.
ثم بين سبحانه كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره وتادبهم معه تعالى فقال:
(لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) أي لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يخالفونه فيما أمرهم به، بل يبادرون إلى فعله.