(بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) أي إن هؤلاء القوم قد ألهتهم النعم عن المنعم، فلا يذكرون الله حتى يخافوا بأسه، أو يعدّوا ما كانوا فيه من الأمن والدعة كلاءة وحفظا لهم حتى يسألوا عن الكالئ الحافظ.
وخلاصة ذلك- إنهم على وجود الدلائل العقلية والنقلية الدالة على أنه تعالى هو الكالئ الحافظ- معرضون عنها، لا يتأملون فيها.
وفى ذكر (الرب) إيماء إلى أنهم خاضعون لسلطانه، وأنهم فى ملكوته وتدبيره، وجميل رعايته وتربيته، وهم على ذلك معرضون، فهم فى الغاية القصوى من الضلال وفى النهاية من الجهل والغباء.
ثم انتقل من وصفهم بالإعراض إلى توبيخهم باعتمادهم على آلهة لا تضر ولا تنفع فقال:
(أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا؟) أي بل ألهؤلاء المستعجلى عذابنا آلهة تمنعهم منا إن نحن أنزلناه بهم، وتدفع عنهم بأسنا إن حل بساحتهم؟.
ومجمل ذلك- إن آلهتهم لا تمنعهم بأسنا إن أردنا؟.
ثم وصف تلك الآلهة التي اتخذوها بالضعف فقال:
(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) أي وكيف تستطيع آلهتهم أن تمنعهم منا وهم لا يستطيعون نصر أنفسهم، ولا دفع ما ينزل بهم من البلاء، ولا هم يصحبون منا بنصر، فكيف يتوهّم أن ينصروا غيرهم.
والخلاصة- إنهم فى غاية العجز، فكيف يتوهّم فيهم ما يتوهمون من القدرة والسلطان، ويدينون لهم بالخضوع والعبادة.
ثم بين سبحانه تفضله عليهم مع سوء ما أتوا به من الأعمال فقال:
(بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي إن الذي غرهم وحملهم على