بها بأسى وشديد انتقامي، وحسابها بعد مدّخر ليوم الحساب حين لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ولا يخفى ما فى هذا من شديد الوعيد وعظيم التهديد.
ثم أبان لهم عظيم خطئهم فى طلب استعجال العذاب من الرسول بقوله:
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي قل يا أيها المشركون المستعجلون مجىء العذاب: ليس ذلك إلىّ، وإنما أرسلنى ربى نذيرا لكم بين يدى عذاب شديد، وليس إلىّ من حسابكم من شىء، بل أمر ذلك إلى الله إن شاء عجل لكم العذاب، وإن شاء أخره عنكم، وإن شاء تاب على من يتوب وينيب إليه «لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ» .
ثم فصل هذا الإنذار بذكر الوعد للمتقين والوعيد للكافرين فقال:
(فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي فالذين آمنت قلوبهم، وصدّقوا إيمانهم بأعمالهم- لهم مغفرة لما سلف من سيئاتهم، وثواب عند ربهم على ما قدموا من حسناتهم، ولهم رزق كريم فى الجنة يفوق وصف الواصفين، ومقال المادحين كما قال تعالى:«فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ»
وفى الحديث:«فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» .
(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) أي والذين اجتهدوا فى رد دعوة الدين والتكذيب بها وثبّطوا الناس عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ظنا منهم أنهم يعجزوننا وأنهم لا يبعثون، فأولئك هم المقيمون فى النار المصاحبون لها لا يخرجون منها.