(وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) أي وإن الله الذي أحاطت قدرته بكل شىء- ليعفو عن المؤمنين، فيغفر لهم ما أمعنوا فيه من الانتقام. وما أعرضوا عنه مما ندبه من العفو بمثل قوله «وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» وقوله: «فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» وقوله: «وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى» وهم بفعلهم هذا تركوا ما كان أجدر بهم وأحرى بمثلهم.
والخلاصة- كأنه سبحانه قال: عفوت عن هذه الإساءة وغفرتها لهم لأنى أذنت بها.
ثم قرر نصره لعباده المؤمنين وأكده بقوله:
(ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي ذلك النصر الذي أنصره لمن بغى عليه، لأنى أنا القادر على ما أشاء، ألا تروننى أدخل ما ينقص من ساعات الليل فى ساعات النهار، وأدخل ما ينقص من ساعات النهار فى ساعات الليل، وبهذه القدرة التي تفعل ذلك أنصر محمدا وصحبه على الذين قد بغوا عليهم وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم وآذوهم أشد الأذى على إيمانهم بي وحدي.
(وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) أي وأن الله سميع للأقوال وإن اختلفت فى النهار الأصوات بفنون اللغات، بصير بما يعملون لا يغيب عنه شىء ولا يعزب عنه شىء وإن كان مثقال ذرة.
ولما وصف نفسه بما لا يقدر عليه غيره علل ذلك بقوله:
(ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ) أي ذلك الاتصاف بكمال القدرة وكمال العلم بسبب أن الله هو الثابت لذاته، وأنه لا مثيل له ولا شريك، وأن الذي يدعون من دونه من الآلهة باطل لا يقدر على صنع شىء بل هو المصنوع الموجد بعد العدم.
(وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) أي وأن الله فوق كل شىء وكل شىء دونه، وهو الكبير عن أن يكون له شريك، إذ لا شىء أعلى منه شأنا ولا أكبر سلطانا