ثم أمره بحمده والثناء عليه إذا هو استوى على الفلك فقال:
(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي فإذا اطمأننت فى السفينة أنت ومن معك ممن حملته من أهلك، فقل الحمد لله الذي نجانا من هؤلاء المشركين الظلمة.
وفى هذا إيماء إلى أنه لا ينبغى المسرة بمصيبة أحد ولو عدوّا إلا إذا اشتملت على دفع ضرره أو تطهير الأرض من دنس شركه وإضلاله.
قال ابن عباس: كان فى السفينة ثمانون إنسانا نوح وامرأته غير التي غرقت وثلاثة بنين سام وحام ويافث، وثلاث نسوة لهم واثنان وسبعون إنسانا، وكل الخلائق من نسل من كان فى السفينة.
ثم أمر نوح أن يدعو ربه حين خروجه من السفينة.
(وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) أي وقل إذا سلمت وخرجت من السفينة: رب أنزلنى من الأرض منزلا مباركا وأنت خير من أنزل عباده المنازل.
قال قتادة: علمكم الله أن تقولوا حين ركوب السفينة: «بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها» وحين ركوب الدابة: «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» وحين النزول: «وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ»(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) أي إن فيما فعلنا بقوم نوح من إهلاكهم إذ كذبوا رسولنا وجحدوا وحدانيتنا وعبدوا الآلهة والأصنام- لعبرا لقومك من مشركى قريش، وحججا لنا عليهم يستدلون بها على سنننا فى أمثالهم فينزجرون عن كفرهم، ويرتدون عن تكذيبهم حذر أن يصيبهم مثل الذي أصاب من قبلهم من العذاب، وقد كنا مختبريهم بالتذكير بهذه الآيات لننظر ماذا يفعلون قبل أن ننزل بهم عقوبتنا.
ونحو الآية قوله:«وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» وقد تقدم هذا القصص بتفصيل فى سورة هود عليه السلام.