(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) الذي له كل شىء وهو رب ذلك، ليس لهم جواب غيره ولما تأكد الأمر وزاد وضوحا حسن التهديد فقال:
(قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ؟) أي قل لهم منكرا وموبخا: أتعلمون ذلك ولا تقون أنفسكم عقاب ربكم، فتنكروا ما أخبر به من البعث؟
وبعد أن قررهم بأن العالمين العلوي والسفلى ملك له تعالى- أمره أن يقررهم بأن له تدبير شئونهما وتدبير كل شىء فقال:
(٣)(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي قل لهم: من المالك لكل شىء؟ والمدبر لكل شىء؟ وفى قبضته وتحت سلطانه وتصرفه كل شىء؟ وهو يغيث من يشاء فيكون فى حرز لا يقدر أحد على الدنوّ منه، ولا يغاث أحد ولا يمنع منه، لأنه ليس فى العوالم كلها ما هو خارج من قبضته.
والخلاصة- إنه المدبر لنظام العالم جميعه، وهو الذي يغيث من شاء، ولا يستطيع أحد أن يغيث منه.
ثم أجاب عن هذا السؤال قبل أن يجيبوا فقال:
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) الذي بيده ذلك دون غيره.
(قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ؟) أي قل لهم على طريق الاستهجان والتوبيخ: كيف تخدعون وتصرفون عن توحيد الله وطاعته؟ فأنتم بعبادة الأصنام أو بعض البشر قد سحرت عقولكم كأنما غابت عن رشدها، واعتراها الذهول، فتصورت الأشياء على غير ما هى عليها.
وقد ثبت بالتجربة أن تكرار الكلام يخدع العقول والحواس حتى تتخيل غير الحق حقا، وتتوهم صدق ما يقال وإن كان باطلا، ومن ثم كثرت المذاهب الإسلامية وابتدع الرؤساء الدينيون والسياسيون من الأساليب ما خدعوا به عقول الشعوب فى دينهم ودنياهم.