فى الكسب ونظم المعيشة وحسن معاشرة الناس والتخلق بآداب الشرع وأدب السلوك وما جرى عليه العرف من فضائل الصفات.
وطلب الحياة الحسنة في الآخرة يكون بالإيمان الخالص والعمل الصالح والتحلي بمكارم الأخلاق.
(وَقِنا عَذابَ النَّارِ) أي واحفظنا من الشهوات والذنوب التي تؤدى إليها، ويكون ذلك بترك المعاصي واجتناب الرذائل والشهوات المحرمة، مع القيام بأداء الفرائض.
وفي الآية إيماء إلى أن الغلوّ في الدين والتشدد فيه مذموم خارج من سنن الفطرة، وقد نهى الله أهل الكتاب عنه وذمهم عليه، ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم،
روى البخاري عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ المنتوف، فقال له: هل كنت تدعو الله بشىء؟ قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبى به في الآخرة فعجّله لى في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله إذا لا تطيق ذلك ولا تستطيعه، فهلا قلت:(رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ)
ودعا له فشفاه الله.
(أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) أي أولئك الذين يطلبون سعادة الدارين، والحسنة في المنزلتين، يعطون ما دعوا الله تعالى فيه بكسبهم وسعيهم، فهم قد طلبوا الدنيا بأسبابها، وسعوا للآخرة سعيها فكان لهم حظ من كسبهم في الدارين على قدره.
(وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) فيوفى كل كاسب أجره عقب عمله، فقد جرت سنته أن يكون الجزاء أثرا للعمل بلا إبطاء، وسرعة الحساب في الآخرة تكون باطلاع كل عامل على عمله، ويتم ذلك في لحظة،
وقد روى أن الله يحاسب الخلائق كلهم في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا، وروي بمقدار لمحة البصر.