ثم بين شدة ندم المشركين وعظيم حسرتهم فى هذا اليوم:
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) أي وفى هذا اليوم يعضّ المشرك بربه على يديه ندما وأسفا على ما فرّط فى جنب الله، وعلى ما أعرض عنه من الحق الواضح الذي جاء به رسوله ويقول: ليتنى اتخذت مع الرسول طريقا إلى النجاة، ولم تتشعب بي طرق الضلالة.
(يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا) أي يا هلكتى احضرى فهذا أوانك، ليتنى لم أتخذ فلانا الذي أضلنى وصرفنى عن طريق الهدى خليلا وصديقا.
ومن الأخلاء الشياطين، ولا فارق بين شياطين الإنس وشياطين الجن، ومن هؤلاء أبىّ بن خلف،
فقد روى أن عقبة بن أبى معيط كان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى ضيافته فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل، وكان أبىّ صديقه فعاتبه، وقال له: صبأت، فقال: لا والله ولكن أبى أن يأكل من طعامى وهو فى بيتي فاستحييت منه فشهدت له، فقال لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق فى وجهه، فوجده ساجدا فى دار النّدوة ففعل ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا ألقاك خارجا من مكة إلّا علوت رأسك بالسيف فأسر يوم بدر فأمر عليا فقتله، وقتل أبىّ بن خلف بيده الشريفة يوم أحد، طعنه بحربة فوقعت فى ترقوته فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم فى جوفه فجعل يخور كما يخور الثور، فأتى أصحابه حتى احتملوه وهو يخور، فما لبث إلا يوما أو نحوه حتى ذهب إلى النار فأنزل الله الآية.
وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحشر المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخال» أخرجه أبو داود والترمذي.
وعن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقىّ»