(وَزادَهُمْ نُفُوراً) أي وزادهم هذا الأمر بالسجود نفورا وبعدا مما دعوا إليه، وقد كان من حقه أن يكون باعثا لهم على القبول ثم الفعل.
وكان سفيان الثّورى يقول فى هذه الآية: إلهى زدنى لك خضوعا، ما زاد عداك نفورا.
روى الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سجدوا، فلما رآهم المشركون يسجدون تباعدوا فى ناحية المسجد مستهزئين.
وبعد أن حكى عنهم مزيد النفرة من السجود له، ذكر ما لو تفكروا فيه لعرفوا وجوب السجود لمن له تلك الخصائص فقال:
(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) أي تقدس ربنا الذي جعل فى السماء نجوما كبارا عدها المتقدمون نحو ألف وعدها علماء العصر الحاضر بعد كشف آلات الرصد الحديثة (التلسكوبات) أكثر من مائتى ألف ألف ولا يزال البحث يكشف كل حين منها جديدا، وجعل فيها شمسا متوقدة وقمرا مضيئا.
ثم ذكر آية أخرى من آيات قدرته وفيها الدليل على وحدانيته فقال:
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) أي وهو الذي جعل الليل والنهار متعاقبين يخلف أحدهما الآخر، فيكون فى ذلك عظة لمن أراد أن يتعظ باختلافهما ويتذكر آلاء الله فيهما ويتفكر فى صنعه، أو أراد أن يشكر نعمة ربه ليجنى ثمار كل منهما، إذ لو جعل أحدهما دائما لفاتت فوائد الآخر، ولحصلت السآمة والملل، وفتر العزم الذي يثيره دخول وقت الآخر إلى نحو أولئك من الحكم التي أحكمها العلى الكبير.
وفى الحديث الصحيح:«إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل» .
وعن الحسن: من فاته عمل من التذكر والشكر بالنهار كان له فى الليل مستعتب،