(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) أي ولا يقتلونها بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق المزيل لحرمتها وعصمتها، كالكفر بعد الإيمان، والزنا بعد الإحصان، وقتل النفس بغير حق.
(وَلا يَزْنُونَ) فيأتون ما حرم الله عليهم إتيانه من الفروج.
روى البخاري ومسلم والترمذي عن ابن مسعود قال:«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أىّ الذنب أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندّا وهو خلقك، قلت ثم أىّ؟
قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت ثم أىّ؟ قال أن تزانى حليلة جارك» فأنزل الله تصديق ذلك: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) الآية.
وقد نفى عنهم هذه القبائح مع أنه وصفهم بالصفات السالفة من حسن معاملتهم للناس ومزيد خوفهم من الله وإحياء الليل يقتضى نفيها عنهم، تعريضا بما كان عليه أعداؤهم من قريش وغيرهم، وتنبيها إلى الفرق بين سيرة المؤمنين وسيرة المشركين، فكأنه قيل: وعباد الرحمن الذين لا يدعون مع الله إلها آخر وأنتم تدعون، ولا يقتلون وأنتم تقتلون الموءودة، ولا يزنون وأنتم تزنون.
روى مسلم عن ابن عباس: أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا، إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت:(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً)
ونزل:«قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا» الآية: وقد قال ابن عباس وسعيد بن جبير إن هذه نزلت فى وحشي قاتل حمزة.
ثم توعد سبحانه من يفعل مثل هذه الأفعال بشديد العقاب فقال:
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً. يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) أي ومن يفعل خصلة من خصال الفجور السالفة، يلق فى الآخرة جزاء إثمه وذنبه