وحتى تنتفعوا بما فيها من المعادن المختلفة، وقد أنزل الماء على شواهقها وجعل بين المياه العذبة والملحة حاجزا يمنعهما من الاختلاط حتى لا يفسد هذا بذاك، والحكمة تقضى ببقاء كل منهما على حاله، فالعذبة: لسقى الناس والحيوان والنبات والثمار، والملحة: تكون مصادر للأمطار التي تجرى منها، وكذلك هى وسيلة لإصلاح الهواء.
(أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ؟) فى إبداع هذه الكائنات وإيجاد هذه الموجودات.
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدر عظمة الله وما عليهم من ضرّ فى إشراكهم غيره به، وما لهم من نفع فى إفرادهم إياه بالألوهة، وإخلاصهم العبادة له، وبراءتهم من كل معبود سواه.
ثم زادهم توبيخا من وجه ثالث فقال:
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ؟) أي أمن تشركون بالله خير أم من يجيب المكروب الذي يحوجه المرض أو الفقر أو النازلة من نوازل الدهر إلى اللّجأ والتضرع إليه إذا دعاه وقت اضطراره، ويرفع عن الإنسان ما يسوءه من فقر أو مرض، ويجعلكم خلفاء من قبلكم من الأمم فى الأرض فيورثكم إياها بالسكنى والتصرف فيها؟.
وجاء رجل إلى مالك بن دينار فقال: أسألك بالله أن تدعو لى فأنا مضطر قال:
إذا فاسأله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وقال الشاعر:
وإنى لأدعو الله والأمر ضيّق ... علىّ فما ينفك أن يتفرّجا
ورب أخ سدّت عليه وجوهه ... أصاب لها لمّا دعا الله مخرجا
وعن أبى بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دعاء المضطر: «اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلنى إلى نفسى طرفة عين، وأصلح لى شأنى كله، لا إله إلا أنت» .
وجاء فى الخبر:«ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده»