للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أمره سبحانه بترغيب قومه وترهيبهم فقال:

(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي وقل الحمد لله على ما أفاض علىّ من نعمائه التي من أجلّها نعمة النبوة المستتبعة لضروب من النعم الدينية والدنيوية، ووفقني لتحمل أعبائها وتبليغ أحكامها، بالآيات البينة، والبراهين الساطعة، ووفقني لاتباع الحق الذي أنتم عنه عمون (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها) أي سيريكم ربكم آيات عذابه وسخطه فتعرفون بها حقيقة نصحى، ويستبين لكم صدق ما دعوتكم إليه من الرشاد حين لا تجدى المعرفة، ولا تفيد التبصرة شيئا.

ونحو الآية قوله: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» .

ثم ذيل هذا بتقرير ما قبله من الوعد والوعيد بقوله:

(وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) أي وما ربك بغافل عما يعمله هؤلاء المشركون ولكنه مؤخر عذابهم إلى أجل هم بالغوه، لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون، فلا يحزنك تكذيبهم فإنى لهم بالمرصاد، وأيقن بأنى ناصرك وخاذل عدوك، ومذيقهم الذلّ والهوان.

روى أن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان الله مغفلا شيئا لأغفل ما تعفى الرياح من أثر قدمى ابن آدم وكان الإمام أحمد كثيرا ما ينشد هذين البيتين:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل علىّ رقيب

ولا تحسبنّ الله يغفل ساعة ... ولا أنّ ما يخفى عليه يغيب

والحمد لله وصلاته على النبي الأمى وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>