نعمه إذا فريق منهم يشركون به سواه، ويعبدون معه غيره.
ثم أمرهم أمر تهديد كما يقول السيد لعبده متوعدا إذا رآه قد خالف أمره:
اعصنى ما شئت، قال:
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) أي فليجحدوا نعمى عليهم وإحسانى إليهم كيف شاءوا، فإن لهم يوما نحاسبهم فيه، يوم يؤخذون بالنواصي، ويجرّون بالسلاسل والأغلال، ويقال لهم: ذوقوا ما كنتم تعملون.
ومثله الأمر بعده وهو:
(فَتَمَتَّعُوا) أي فتمتعوا بما آتيناكم من الرخاء، وسعة النعمة فى الدنيا، فما هى إلا أو يقات قصيرة تمضى كلمح البصر.
ثم هددهم أشد التهديد بقوله:
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) إذا وردتم علىّ ما يصيبكم من شديد عذابى، وعظيم عقابى، على كفركم بي فى الدنيا.
روى عن بعض السلف أنه قال: والله لو توعدنى حارس درب لخفت فيه، فكيف والمتوعّد هو الله الذي يقول للشىء كن فيكون؟.
ثم أنكر على المشركين ما اختلقوه من عبادة غيره بلا دليل، فقال:
(أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) أي أأنزلنا على هؤلاء الذين يشركون فى عبادتنا الآلهة والأوثان كتابا فيه تصديق لما يقولون، وإرشاد إلى حقيقة ما يدّعون.
وإجمال القصد: إنه لم ينزّل بما يقولون كتابا ولا أرسل به رسولا، وإنما هو شىء افتعلوه اتباعا لأهوائهم.
ثم ذكر طبيعة الإنسان وجبلّته إلا من عصمه الله فقال: