روى الشيخان من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول «لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شىء بعده» .
ورويا أيضا عن عبد الله بن أوفى قال:«دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال: اللهم منزّل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم» .
وروى محمد بن إسحاق أنه لما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم»
وقد تحقق هذا فلم تغزهم قريش بعد ذلك، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوهم حتى فتح الله تعالى مكة.
(وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) أي وكان الله عزيزا بحوله وقوته، فردّهم خائبين لم ينالوا خيرا.
ولما قص أمر الأحزاب وذكر ما انتهى إليه أمرهم ذكر حال من عاونوهم من اليهود فقال:
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) أي وأنزل الله يهود بنى قريظة الذين عاونوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم بعد أن نقضوا العهد بسفارة حيىّ بن أخطب النضيري، إذ لم يزل بزعيمهم كعب بن أسد حتى نقض العهد وكان مما قاله له: جئتك بعزّ الدهر، أتيتك بقريش وأحابيشها، وغطفان وأتباعها، ولا يزالون هاهنا حتى يستأصلوا محمدا وأصحابه، فقال له كعب:
بل والله جئتنى بذلّ الدهر، ويحك يا حيىّ إنك مشئوم، فدعنا منك، فلم يزل يفتل له فى الذورة والغارب (يخادعه) حتى أجابه، واشترط له حيىّ إن ذهب الأحزاب ولم يكن من أمرهم شىء أن يدخل معهم فى الحصن فيكون أسوتهم.
ولما أيد الله المؤمنين وكبت أعداءهم وردهم خائبين ورجعوا إلى المدينة ووضع الناس