(وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) أي وكان أمر الله الذي يقدره كائنا لا محالة وواقعا لا محيد عنه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
ثم وصف الذين خلوا بصفات الكمال والتقوى وإخلاص العبادة له وتبليغ رسالته فقال:
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ) أي هؤلاء الذين جعل محمد متبعا سنتهم وسالكا سبيلهم هم الذين يبلغون رسالات ربهم إلى من أرسلوا إليهم، ويخافون الله فى تركهم تبليغ ذلك، ولا يخافون سواه.
والخلاصة- كن من أولئك الرسل الكرام، ولا تخش أحدا غير ربك، فإنه يحميك ممن يريدك بسوء أو يمسك بأذى.
(وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً) أي وكفى الله ناصرا ومعينا وحافظا لأعمال عباده ومحاسبا لهم عليها.
ولما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب قالوا تزوج حليلة ابنه فأنزل الله:
(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) أي ما كان لك أن تخشى أحدا من الناس بزواج امرأة متبناك لا ابنك، فإنك لست أبا لأحد من الناس، ولكنك رسول الله فى تبليغ رسالته إلى الخلق، فأنت أب لكل فرد فى الأمة فيما يرجع إلى التوقير والتعظيم ووجوب الشفقة عليهم كما هو دأب كل رسول مع أمته.
وخلاصة ذلك- ليس محمد بأب لأحد منكم أبوة شرعية يترتب عليها حرمة المصاهرة ونحوها، ولكنه أب للمؤمنين جميعا فيما يجب عليهم من توقيره وإجلاله وتعظيمه كما أن عليه أن يشفق عليهم ويحرص على ما فيه خيرهم وفائدتهم فى المعاش والمعاد وما فيه سعادتهم فى الدنيا والآخرة.