الواحد، فأنزلنا الماء من السماء وأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها وطعومها وروائحها كما هو مشاهد من ألوان الثمار من أصفر إلى أحمر إلى أخضر إلى نحو ذلك ونحو الآية قوله:«وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» .
(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) أي وخلقنا الجبال كذلك مختلفة الألوان من بيض إلى حمر إلى سود غرابيب كما هو مشاهد، وفي بعضها طرائق مختلفة الألوان أيضا.
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) أي وكذلك الناس والدواب والأنعام مختلفة الألوان في الجنس الواحد، بل الحيوان الواحد قد يكون فيه ألوان مختلفة، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ولما عدد آياته وأعلام قدرته وآثار صنعه بين أنه لا يعرف ذلك حق المعرفة إلا العلماء بأسرار الكون، العالمون بدقائق صنعه تعالى، فهم الذين يفهمون ذلك حق الفهم، ويعلمون شديد بطشه وعظيم قهره فقال:
(إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) أي إنما يخاف الله فيتقى عقابه بطاعته- العالمون بعظيم قدرته على ما يشاء من الأشياء وأنه يفعل ما يريد، لأن من علم ذلك أيقن بعقابه على معصيته فخافه ورهبه خشية أن يعاقبه.
وقد أثر عن ابن عباس أنه قال: العالم بالرحمن من عباده، من لم يشرك به شيئا، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، وحفظ وصيته، وأيقن أنه ملاقيه ومحاسبه بعمله.