(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ؟) أي أم هناك كتاب أوتوه ينطق بأنا اتخذناهم شركاء، فهم على حجة ظاهرة من ذلك الكتاب بأن لهم شركة معنا.
وخلاصة ما تقدم- أخبرونى عمن تعبدونهم من دون الله، هل استبدوا بخلق شىء من الأرض حتى يعبدوا كعبادة الله، أولهم شركة معه في خلق السموات، وآتيناهم برهانا بهذه الشركة؟
والخلاصة: إن عبادة هؤلاء إما بدليل من العقل، ولا عقل يحكم بعبادة من لا يخلق شيئا، وإما بدليل من النقل، وإنا لم نؤت المشركين كتابا فيه الأمر بعبادة هؤلاء.
وبعد أن نفى ما نفى من الحجج أضرب عن ذلك وبين أن الذي حملهم على الشرك هو تقرير السلف للخلف، وإضلال الرؤساء للأتباع، وقولهم لهم: إن هؤلاء شفعاء يشفعون لكم عند الله إذا أنتم عبدتموهم، وإلى هذا أشار بقوله:
(بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) أي بل إنما اتبعوا في ذلك آراء أسلافهم وضلّالهم، وما هى إلا غرور وأباطيل.
ولما أبان حقارة الأصنام أرشد إلى عظمته تعالى فقال:
(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) أي إن الله يمنع السموات أن تضطرب من أماكنها، فترتفع أو تنخفض ويمنع الأرض من مثل ذلك، ويحفظهما برباط خاص، وهو ما يسميه العلماء نظام الجاذبية، فجميع العوالم من الأرض والقمر والشمس والسيارات الأخرى تجرى في مدارات خاصة بهذا النظام الذي وضع لها، ولولا ذلك لتحطمت هذه الكرات المشاهدة، وزالت عن أماكنها، لكنها به ثبتت فى مواضعها، واستقرت في مداراتها.
(وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) أي وإن أشرفتا على الزوال ما استطاع أحد أن يمسكهما من بعد الله.
والخلاصة- إنه لا يقدر على دوامهما وبقائهما على هذا الوضع إلا اللطيف الخبير