ومعبوديهم من الأوثان والأصنام معا، ليكون في ذلك زيادة لهم في الحسرة وعظيم التخجيل على ما أتوه من عظيم الشرك وكبير المعصية.
ثم زادوا في تأنيبهم وتوبيخهم فقالوا:
(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) أي فأرشدوهم إلى طريق جهنم ودلوهم عليها، وفي هذا زيادة في النكاية بهم والازدراء بشأنهم، إذ كانوا في الدنيا يزدرون المؤمنين ويتقحمونهم.
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) أي واحبسوهم في الموقف، حتى يسألوا عما كسبت أيديهم، واجترحوا من الآثام والمعاصي، وعن تلك العقائد الزائفة التي زينها لهم الشيطان فأضلتهم عن سواء السبيل.
وفي الأثر «لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس: عن شبابه فيم أبلاه؟ وعن عمره فيم أفناه؟ وعن ماله مم كسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟» .
ثم زادوهم تقريعا وتعنيفا فسألوهم:
(ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ؟) أي لأىّ شىء لا ينصر بعضكم بعضا وقد كنتم في الدنيا تزعمون أنكم تتناصرون، فقد روى أن أبا جهل قال يوم بدر: نحن جميع منتصر.
وأخّر سؤالهم إلى ذلك الحين إذ كان الوقت وقت تنجيز العذاب، وشدة الحاجة إلى النصير والمعين، وقد انقطع الرجاء منه، فالتقريع حينئذ أشد وقعا، وأعظم أثرا.
والخلاصة- إن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما يكون بعد إقامة الحجج عليهم وقطع أعذارهم بعد حسابهم.
ثم ذكر أنهم لا ينازعون في الوقوف ولا في غيره، بل ينقادون فقال:
(بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) أي بل هم منقادون لأمر الله لا يخالفونه ولا يحيدون عنه، إذ قد سدت أمامهم وجوه الحيل، وعجزوا عن الوصول إلى السلام من أي طريق يلتمسونها، فلا فائدة في المنازعة، ولا سبيل إلى الجدل والمخاصمة.