ثم وبخهم على استعجالهم العذاب حين قالوا يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به وعجّله لنا فنزل.
(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) قبل حلوله؟ وهم إنما فعلوا ذلك لتكذيبهم به، وكفرهم بك والله منزله عليهم لا محالة.
(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) أي فإذا نزل العذاب بمحلّتهم فبئس اليوم يومهم لهلاكهم ودمارهم،
وفي الصحيحين عن أنس قال:«صبّح رسول الله خيبر فلما خرجوا بفئوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون: محمد والله، محمد والخميس- الجيش-، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: الله أكبر، خربت خيبر، إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» رواه البخاري.
قال صاحب الكشاف: مثّل العذاب النازل بهم بعد ما أنذروه فأنكروه، بجيش أنذر بهجومه قوما بعض نصاحهم، فلم يلتفتوا إلى إنذاره ولا أخذوا أهبتهم ولا دبّروا أمرهم تدبيرا يبجيهم، حتى أناخ بفنائهم بغتة فشنّ عليهم الغارة وقطع دابرهم اهـ ثم أكد ما سبق من وقوع الميعاد غبّ توكيد مع ما فيه من تسلية لرسوله إثر تسلية فقال:
(وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) أي وأعرض أيها الرسول عن هؤلاء المشركين وخلّهم وفريتهم على ربهم إلى أن يأذن بهلاكهم، وانظر إليهم، فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا حين لا تنفعهم التوبة.
ثم ختم سبحانه السورة بخاتمة شريفة جامعة لتنزيهه سبحانه وتعالى عما لا يليق به مع وصف نفسه بصفات الكمال ومدحه للرسل الكرام فقال:
(سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي تنزيها لربك أيها الرسول رب القوة والغلبة عما يصفه به هؤلاء المفترون من مشركى قريش من نحو قولهم: ولد الله. وقولهم: الملائكة بنات الله. وأمنة