قال تعالى:(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وقال: (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) .
ولا بد من معرفة ذلك تفصيلا، فلا يسع المؤمن جهل ما علم من الدين بالضرورة.
والإنزال هنا بمعنى الوحى، وسمى إنزالا لما فى جانب الألوهية من علو الخالق على المخلوق، أو لإنزال جبريل له على النبي صلى الله عليه وسلم لتبليغه للخلق كما قال:
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) .
(وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) هو التوراة والإنجيل وسائر الكتب السالفة، فيؤمنون بها إيمانا إجماليا لا تفصيليا.
(وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) الدار الآخرة هى دار الجزاء على الأعمال- والإيمان بها يتضمن الإيمان بكل ما ورد فبها بالنصوص المتواترة كالحساب والميزان والصراط، والجنة والنار.
واليقين: هو التصديق الجازم الذي لا شبهة فيه ولا تردد، ويعرف اليقين بالله واليوم الآخر بآثاره فى الأعمال، فمن يشهد الزور أو يشرب الخمر أو يأكل حقوق الناس يكن إيمانه بهما خيالا يلوح فى الذهن لا إيمانا يقوم على اليقين، إذ لم تظهر آثاره فى الجوارح واللسان، وهو لا يكون إيمانا حقا إلا إذا كان مالكا لزمام النفس مصرفا لها فى أعمالها.
والإيمان على الوجه الصحيح يحصل من أحد طريقين:
(١) البحث والتأمل فيما يحتاج إلى ذلك كالعلم بوجود الله ورسالة الرسل.
(٢) خبر الرسول بعد أن تقوم الدلائل على صدقه فيما يبلغ عن ربه، أو خبر من سمع منه بطريق لا تحتمل ريبا ولا شكا وهى طريق التواتر، كالعلم بأخبار الآخرة وأحوالها، والعالم العلوي وأوصافه، وعلينا أن نقف عند ذلك فلا نزيد فيه شيئا ولا نخلطه بغيره مما جاء عن طريق أهل الكتاب، أو عن بعض السلف بدون تمحيص