وإجمال المعنى- إنه لا ينبغى لهم ذلك، إذ لا يخطر على بال عاقل فائدة لهذا، ومن ثم أمر رسوله أن يتهكم بهم ويحمّقهم على ما يفعلون فقال:
(قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) أي قل لهم أيها الرسول: أتتخذونهم شفعاء كما تزعمون، ولو كانوا لا يملكون لكم نفعا، ولا يعقلون أنكم تعبدونهم.
ثم أمر رسوله أن يخبرهم أن الشفاعة لله وحده فقال:
(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) فليس لأحد منها شىء إلا بإذنه لمن ارتضى كما قال:
«مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ؟» وقال: «وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى» والخلاصة- إنه تعالى مالك الشفاعة كلها، لا يستطيع أحد أن يشفع لديه إلا أن يكون المشفوع له مرتضى والشفيع مأذونا له، وكلاهما ليس بموفور لهؤلاء.
ثم بين العلة في أن الشفاعة جميعا له فقال:
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي له السلطان في السموات والأرض، وكل من فيها ملك له، ومنها ما تعبدون من دونه، فاعبدوا مالك الملك كله الذي لا يتصرف أحد فى شىء منه إلا بإذنه ورضاه.
(ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي ثم إليه مصيركم بعد البعث وهو معاقبكم على إشراككم به سواه إن أنتم متم على هذه الحال.
وخلاصة ذلك اعبدوا من يقدر على نفعكم في الدنيا وعلى صركم فيها، وفي الآخرة بعد مماتكم يجازيكم بما قدمتم من عمل، خيرا كان أو شرا.
ولا يخفى ما في هذا من التهديد والوعيد الذي تقشعرّ منه الجلود خشية.
ثم ذكر هفوة من هفواتهم التي تصدر منهم، وتدل على غفلة عظيمة وتناقض بين الاعتراف بالألوهية والإنكار لها فقال: