(وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي ما عظموه حق التعظيم، إذ عبدوا غيره معه، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، القادر على كل شىء، المالك لكل شىء، وكل شىء تحت قهره وقدرته.
روى البخاري عن ابن مسعود قال:«جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال يا محمد: إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السموات على أصبع، والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع، والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ» الآية.
وأخرج الشيخان والنسائي وابن ماجه في جماعة آخرين عن ابن عمر «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر: «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ»
وهو يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر، يمجّد الرب نفسه، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم، فرجف برسول الله صلّى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا:
ليخرّنّ به» .
(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) أي إن الأرض جميعا تحت ملكه يوم القيامة يتصرف فيها كيف يشاء، ولا يتصرف فيها سواه، والسموات مطويات طى السجل للكتب بقدرته التي لا يتعاصى معها شىء، وفي هذا رمز إلى أن ما يشركونه معه في الأرض أو في السماء مقهور تحت سلطانه جل شأنه.
روى البخاري عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «يقبض الله الأرض، ويطوى السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟»