ومبادئ للسور وخواتم لها، وميزت معنى بكونها وعدا ووعيدا، ومواعظ ونصائح وتهذيب أخلاق ورياضة نفس، وقصص الأولين، وتواريخ الماضين.
ونحو الآية قوله: «كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ، ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ» .
(قُرْآناً عَرَبِيًّا) أي أنزلناه بلغة العرب، ليسهل عليهم فهمه كما قال: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» .
وفي هذا امتنان من الله عليهم، ليسهل عليهم قراءته وفهمه.
(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) معانيه، لكونه جاء بلسانهم، فهم أهل اللسان فيفهمونه بلا واسطة، وغيرهم لا يفهمه إلا بوساطتهم.
(بَشِيراً وَنَذِيراً) أي بشيرا لأوليائه بالجنة والنعيم المقيم إن داوموا على العمل بما فيه من أوامر ونواه، ونذيرا لأعدائه بالعذاب الأليم إن هم أصروا على التكذيب به والجدل فيه بالباطل وترك أوامره وفعل نواهيه.
ثم بين حال المشركين حين أنزل إليهم فقال:
(فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) أي فاستكبر أكثر المشركين عن الإصغاء إليه، ولم يقبلوه ولم يطيعوا ما فيه من أوامر ونواه، إعراضا عن الحق.
ثم صرحوا بنفرتهم منه، وتباعدهم عنه، وذكروا لذلك ثلاثة أسباب، تعللا واحتقارا لدعوته:
(١) (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) أي إن قلوبنا في أغطية متكاثفة مما تدعونا إليه من الإيمان بالله وحده وترك ما ألفينا عليه آباءنا، فهى لا تفقه ما تقول من التوحيد، ولا يصل إليها قولك.
(٢) (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) أي وفي آذاننا صمم يمنعها من استماع قولك.
(٣) (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) أي ومن بيننا وبينك ستر يمنعنا عن إجابتك.
روى أن أبا جهل استغشى على رأسه ثوبا وقال: يا محمد بيننا وبينك حجاب استهزاء منه.