(٢)(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) أي وعلى من ربّاهم على إحسانه يعتمدون، ويفوضون إليه أمورهم، ولا يلتفتون إلى غيره فى مهامّ أمورهم. روى أن الآية نزلت فى أبى بكر رضى الله عنه حين تصدق بماله فلامه المسلمون وخطأه الكافرون.
(٣)(وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) أي والذين يتباعدون عن ارتكاب كبائر الآثام كالقتل والزنا والسرقة، وعن الفواحش التي ينكرها الشرع والعقل والطبع السليم، من قول أو فعل.
(٤)(وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) أي وإذا ما غضبوا كظموا غيظهم، إذ من سجاياهم الصفح والعفو، وليس من طباعهم الانتقام وقد ثبت فى الصحيح «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تتهك حرمات الله» .
(٥)(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) أي والذين أجابوا ربهم إلى ما دعاهم إليه، من توحيده والبراءة من عبارة كل ما يعبد من دونه.
(٦)(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) المفروضة فى أوقاتها على أكمل وجوهها، وخص الصلاة من بين أركان الدين، لما لها من الخطر فى صفاء النفوس، وتزكية القلوب، وترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
(٧)(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) أي وإذا حزبهم أمر تشاوروا فيما بينهم، ليقتلوه بحثا وتمحيصا، ولا سيما الحروب ونحوها.
وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يشاور أصحابه فى الكثير من الأمور، ولم يكن يشاورهم فى الأحكام، لأنها منزلة من عند الله، أما الصحابة فكانوا يتشاورون فيها، ويستنبطونها من الكتاب والسنة. وأول ما تشاور فيه الصحابة الخلافة، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم ينص عليها حتى انتهى أمرهم إلى تولية أبى بكر، وتشاوروا فى قتال من ارتدوا بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فاستقرّ رأى أبى بكر على القتال، وقد كان فيه الخيرة للاسلام والمسلمين، وشاور عمر رضى الله عنه الهرمزان حين وقد عليه مسلّما.