(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) أي وتراهم أيضا فى ذلك اليوم يعرضون على النار وهم خاشعون أذلاء (لأنهم عرفوا ذنوبهم وتكشفت لهم عظمة من عصوه) يسارقون النظر إليها خوفا منها، وحذرا من الوقوع فيها، كما ينظر من قدّم للقتل إلى السيف، فلا يقدر أن يملأ عينيه منه، وإنما ينظر ببعضها.
ولما وصف حال الكفار حكى ما يقوله المؤمنون فيهم فقال:
(وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي ويقول المؤمنون يوم القيامة: إن المغبونين غبنا لا غبن بعده- هم الذين خسروا أنفسهم، فأدخلوا فى النار، وحرموا نعيم الأبد، وفرّق بينهم وبين أحبابهم وأصحابهم وذوى قراباتهم.
ثم صدّقهم ربهم فيما قالوا فقال:
(أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) أي ألا إن الكافرين لفى عذاب سرمدىّ، لا مهرب لهم منه ولا خلاص، ثم أيأسهم من الفكاك منه بأى سبيل فقال:
(وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي ولا يجدون لهم أعوانا وأنصارا ينقذونهم مما حل بهم من العذاب، فأصنامهم التي كانوا يعبدونها لتشفع لهم لا تستطيع أن تتقدم إليهم بشفاعة.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) أي ومن يضلله الله لما علم من استعداده للشر والفساد وارتكاب الشرور والآثام فلا سبيل له إلى الوصول إلى الحق فى الدنيا ولا إلى الجنة فى الآخرة.