للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة وروادفها، فهو رفيع المنزلة علىّ القدر، وقد جعلناه آية، بأن خلقناه من غير أب، وشرفناه بالنبوة، وصيرناه عبرة سائرة، تفتح للناس باب التذكر والفهم، وليست مخالفة العادة بموجبة لعبادته كما يزعم النصارى، بل مذكرة بعبادة الخالق الحكيم.

(وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) أي ولو نشاء لجعلنا ذريتكم ملائكة يخلفونكم فى الأرض كما يخلفكم أولادكم، كما خلقنا عيسى من أنثى بلا ذكر وجعلناه رجلا.

وقد يكون المعنى على التهديد والتخويف لقريش ويكون المراد- لو نشاء لأهلكناكم وجعلنا بدلكم فى الأرض ملائكة يعمرونها ويعبدوننا.

والخلاصة- إننا لو نشاء لجعلنا فى الأرض عجائب كأمر عيسى بحيث يلد الرجل ملكا فيخلفه، فباب العجائب وتغير السنن لاحد له عندنا، فكم من نواميس خافية عليكم بيدنا تصريفها.

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي وإن القرآن ليعلمكم بقيام الساعة، ويخبركم عنها وعن أهوالها، فلا تشكّنّ فيها واتبعوا هداى، فهذا الذي أدعوكم إليه هو الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه وهو الموصل إلى الحق.

(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) أي ولا تغتروا بوساوس الشيطان وشبهه التي يوقعها فى قلوبكم، فيمنعكم ذلك عن اتباعى، فإن الذي دعوتكم إليه هو دين الله الذي اتفق عليه رسله وكتبه.

ثم علل نهيهم عن اتباعه بعداوته لهم فقال:

(إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) أي إنه مظهر لعداوته لكم، غير متحاش ولا متكتم لها كما يدل على ذلك ما وقع بينه وبين أبيكم آدم من امتناعه عن السجود له، وما ألزم به نفسه من إغواء جميع بنى آدم إلا عباد الله المخلصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>