للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صادِقِينَ)

أي وإذا تلى على هؤلاء المشركين الذين سبق القول فى جرائمهم- آيات الكتاب الدالة على أن البعث حق، وأن الله سيعيد الخلق يوم القيامة وينشئه نشأة أخرى- لم يكن لهم من حجة فى دحض هذا إلا أن قالوا إن كان ما تقولونه حقّا فأنشروا لنا آباءنا الأولين وابعثوهم من قبورهم أحياء حتى نعتقد صحة ما تقولون.

وهذا قول آفن وكلام لا ينبغى أن يصدر من عاقل، فإنه لا يلزم من عدم حصول الشيء فى الحال كإعادة آبائهم التي طلبوها فى الدنيا- امتناعه فيما بعد إذا قامت القيامة وبعث الله الموتى من قبورهم للعرض والحساب.

وتسمية كلامهم الزائف حجة- ضرب من التهكم بهم على نحو قوله:

تحية بيّنهم ضرب وجيع

ثم أمر سبحانه رسوله أن يرد عليهم فقال:

(قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي قل لهؤلاء المشركين المنكرين للبعث: الله يحييكم ما شاء أن يحييكم فى الدنيا، ثم يميتكم فيها متى شاء، ثم يجمعكم جميعا أولكم وآخركم صغيركم وكبيركم يوم القيامة.

ثم أكد ذلك بقوله:

(لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا ريب فى هذا الجمع والبعث، فإن من قدر على البدء قد على الإعادة، والحكمة قاضية بذلك، لتجزى كل نفس بما كسبت، والأديان جميعا متضافرة على تحققه وحصوله يوم القيامة.

وقصارى ما سلف- إن البعث أمر ممكن أخبر به الأنبياء الصادقون، والحكمة تقتضى حصوله والعقل يؤيده، فهو واقع لا محالة.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أي ولكن أكثر الناس ينكرون البعث ويستبعدون عودة الأجساد بعد موتها وحين تكون عظاما نخرة كما قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>