ثم ذكر أنهم يقفون موقف المتهم المسئول زيادة فى تأنيبهم ثم يحل بهم ما كانوا يستهزئون به من العذاب:
(وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي وظهرت لهم قبائح أعمالهم التي عملوها فى الدنيا حين قرءوا كتب أعمالهم التي دونتها الحفظة كى لا يكون لهم حجة إذا نزل بهم العذاب ثم جوزوا بما كانوا يهزءون به فى الدنيا ويقولون ما هو إلا أوهام وأباطيل، وخرافات قد دونها المبطلون.
ثم ذكر ما يزيد فى تعذيبهم وإلقاء الرعب فى قلوبهم فقال:
(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي وقيل لهم تغليظا فى العقوبة وإمعانا فى التهكم والسخرية: اليوم نترككم فى العذاب، كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا، وليس لكم مستنقذ ينقذكم منه، ولا مستنصر يستنصر لكم ممن يعذبكم.
والخلاصة- إنه تعالى جمع لهم ثلاثة ألوان من العذاب: قطع الرحمة عنهم، وجعل مأواهم النار، وعدم وجود الأنصار والأعوان، من قبل أنهم أتوا بثلاثة ضروب من الإجرام: الإصرار على إنكار الدين الحق، والاستهزاء به، والاستغراق فى حب الدنيا، وهذا ما عناه سبحانه بقوله:
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي هذا الذي حل بكم من عذاب الله بأنكم فى الدنيا اتخذتم حجج الله وآيات كتابه التي أنزلها على رسوله سخرية تسخرون منها، وخدعتكم زينة هذه الحياة فآثرتموها على العمل لما ينجيكم من عذابه، ظنا منكم أنه لا حياة بعد هذه الحياة ولا بعث ولا حساب.
(فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أي فاليوم لا يخرجون من النار، ولا هم يردون إلى الدنيا ليتوبوا ويراجعوا الإنابة مما عوقبوا عليه.