السموات والأرض وما بينهما، والنظام القائم فيهما، المبنى على الحكمة ودقة الصنع، والإبداع فى التكوين: هل تعقلون لهم مدخلا فى خلق جزء من هذا العالم السفلى، فيستحقوا لأجله العبادة؟ ولو كان لهم ذلك لظهر التفاوت فى هذا النظام، والمشاهد أنه على حال واحدة يستمد أدناه من أعلاه، ويرتبط بعضه ببعض، وكل فرد فى الأرض مخدوم بجميع الأفراد فيها، أم هل تظنون أن لهم شركة فى خلق العالم العلوي شموسه وأقماره، كواكبه ونجومه، سياراتها وثوابتها.
وقصارى ذلك- نفى استحقاق آلهتهم للمعبودية على أتمّ وجه، فقد نفى أن لها دخلا فى خلق شىء من أجزاء العالم السفلى استقلالا، ونفى ثانيا أن لها دخلا على سبيل الشركة فى خلق شىء من أجزاء العالم العلوي، ونفى ذلك يستلزم نفى استحقاق المعبودية أيضا.
وتخصيص الشركة فى النظم الجليل بقوله سبحانه «فى السّموات» مع أنه لا شركة فيها ولا فى الأرض أيضا- لأن الغرض إلزامهم بما هو مسلّم لهم، ظاهر لكل أحد، والشركة فى الحوادث السفلية ليست كذلك، لتملكهم وإيجادهم لبعضها بحسب الصورة الظاهرة.
وبعد أن بكّتهم وعجّزهم عن الإتيان بسند عقلى، عجزهم وبكتهم عن الإتيان بسند نقلى فقال:
(ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي إن كان ما تقولونه حقا فائتونى أيها القوم بكتاب من قبل هذا الكتاب كالتوراة والإنجيل يشهد بصحة ما تدّعون لآلهتكم، أو ببقية بقيت عندكم من علم الأولين المفكرين فى خلق السموات والأرض ترشد إلى استحقاق الأصنام والأوثان للعبادة. وتدل على صحة المسلك الذي سلكتموه.
والخلاصة- إن الدليل: إما وحي من الله، أو بقية من كلام الأوائل، وإما