(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) أي ومدة حمله وفصاله ثلاثون شهرا تكابد الأمّ فيها الآلام الجسمية والنفسية، فتسير الليالى ذوات العدد إذا مرض، وتقوم بغذائه وتنظيفه وكل شئونه بلا ضجر ولا ملل، وتحزن إذا اعتل جسمه أو ناله مكروه يؤثّر فى نموّه وحسن صحته.
وفى الآية إيماء إلى أن أقل الحمل ستة أشهر، لأن أكثر مدة الإرضاع حولان كاملان لقوله تعالى:«وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ» فلم يبق للحمل إلا ستة أشهر، وبذلك يعرف أقل الحمل وأكثر الإرضاع.
وأول من استنبط هذا الحكم منها علىّ كرم الله وجهه ووافقه عليه عثمان وجمع من الصحابة رضى الله عنهم.
روى محمد بن إسحاق صاحب السيرة عن معمر بن عبد الله الجهني قال: تزوج منا رجل من امرأة من جهينة فولدت له لتمام ستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان رضى الله عنه فذكر ذلك له، فبعث إليها، فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها، فقالت لها: وما يبكيك؟ فو الله ما التبس بي أحد من خلق الله تعالى غيره قط، فيقضى الله فىّ ما شاء، فلما أتى بها عثمان أمر برجمها، فبلغ ذلك عليا فأتاه فقال ما تصنع؟ قال ولدت لتمام ستة أشهر وهل يكون ذلك؟ فقال له علىّ: أما تقرأ القرآن؟ قال بلى، قال: أما سمعت الله عز وجل يقول (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وقال:
«حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» فلم تجده أبقى إلا ستة أشهر، فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، علىّ بالمرأة، فوجدها قد فرغ منها، قال معمر فو الله ما الغراب بالغراب ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه، فلما رآه أبوه قال: ابني والله لا أشك فيه.
وعن ابن عباس أنه كان يقول: إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع