بربكم وتتقوه حق تقاته، فتؤدوا فرائضه وتجتنبوا نواهيه- يؤتكم ثواب أعمالكم فيعوضكم عنها ما هو خير لكم يوم فقركم وحاجتكم إلى أعمالكم، وهو لا يأمركم بإخراجها جميعها فى الزكاة وسائر وجوه الطاعات، بل يأمركم بإخراج القليل منها وهو ربع العشر للزكاة مواساة لإخوانكم الفقراء، ونفع ذلك عائد إليكم.
ثم بين شح الإنسان على ماله وشدة حرصه عليه فقال:
(إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) أي إن يسألكم ربكم أموالكم فيجهدكم بالمسألة ويلحف عليكم بطلبها- تبخلوا بها وتمنعوها إياه ضنا منكم بها، لكنه علم ذلك منكم فلم يسألكموها فيخرج ذلك السؤال أحقادكم لمزيد حبكم للمال.
قال قتادة: قد علم الله أن فى سؤال المال خروج الأضغان للاسلام من حيث محبة المال بالجبلّة والطبيعة، ومن نوزع فى حبيبه ظهرت طويته التي كان يسرّها.
والخلاصة- قد علم الله شح الإنسان على المال فلم يطلب منه إلا النزر اليسير فى الصدقات، وبذل المال فى المرافق العامة لإصلاح شئون المجتمع الإسلامى كسدّ الثغور، وبناء القناطر والجسور.
ثم أكد ما سلف وقرره بقوله:
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي هأنتم أيها المؤمنون تدعون إلى النفقة فى جهاد أعداء الله ونصرة دينه.
(فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) أي فمنكم من يبخل عن النفقة فى هذا السبيل، ومن يبخل فإنما ضرر ذلك عائد إلى نفسه، لأنه ينقصها أجرها من الثواب، ويبعدها من رضا الله والقرب منه فى جنات النعيم، والله لا حاجة إليه فى أموالكم ولا نفقاتكم، فهو الغنى عن خلقه، وخلقه فقراء إليه، وإنما حضكم على النفقة فى سبيله، لتنالوا بذلك الأجر والثواب.
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) أي وإن تعرضوا