دخل الناس فى دين الله أفواجا، وكان هو السّلّم الذي فيه رقيت إلى فتح مكة، وتسابق العرب إلى الدخول فى الدين زرافات ووحدانا.
(لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) أي ليغفر لك ربك جميع ما فرط منك من الهفوات مما يصح أن يسمى ذنبا بالنظر إلى مقامك الشريف، وإن كان لا يسمى ذنبا بالنظر إلى سواك، ومن ثم قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
والمراد غفران الذنوب التي قبل الرسالة والتي بعدها، قاله مجاهد وسفيان الثوري وابن جرير والواحدي وغيرهم.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن المغيرة بن شعبة قال:«كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلى حتى ترم قدماه، فقيل له: أليس قد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟» .
قال صاحب الكشاف: فإن قلت كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة- قلت لم يجعله علة للمغفرة، ولكنه جعله علة لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة، وهى المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز، كأنه قيل: يسّرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك، لنجمع لك بين عز الدارين، وأغراض الآجل والعاجل اه.
(وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بإعلاء شأن دينك، وانتشاره فى البلاد، ورفع ذكرك فى الدنيا والآخرة.
(وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي ويرشدك طريقا من الدين لا اعوجاج فيه، يستقيم بك إلى رضا ربك.
(وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً) أي وينصرك على من ناوأك من أعدائك نصرا ذا عزّ بالغ، لا يدفعه دافع، لما يؤيدك به من بأس، وينيلك من ظفر.