(تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً) أي تراهم دائبين على الصلاة مخلصين لله محتسبين فيها الأجر وجزيل الثواب عنده طالبين رضاه عنهم «ورضوان من الله أكبر» .
(سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) أي لهم سمت حسن وخشوع وخضوع يظهر أثره فى الوجوه، ومن ثم قيل: إن للحسنة نورا فى القلب، وضياء فى الوجه وسعة فى الرزق، ومحبة فى قلوب الناس. وقال عثمان بن عفان رضى الله عنه: ما أسرّ أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه، وفلتات لسانه.
روى عن عمر أنه قال: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته،
وعن أبى سعيد رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «لو أن أحدكم يعمل فى صخرة صماء ليس لها باب ولا كوّة لخرج عمله للناس كائنا ما كان» .
والخلاصة- إن كل ما يفعله المرء أو يتصوره يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله أصلح الله عز وجل ظاهره للناس.
ثم أخبر سبحانه أنه نوّه بفضلهم فى الكتب المنزلة والأخبار المتداولة فقال:
(ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) أي هذه الصفة التي وصفت لكم من صفات أتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم هى صفتهم فى التوراة.
(وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) أي إن أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم يكونون قليلين ثم يزدادون ويكثرون ويستغلظون كزرع أخرج فراخه التي تتفرع على جانبيه كما يشاهد فى الحنطة والشعير وغيرهما، فيقوى ويتحول من الدقة إلى الغلظ، ويستقيم على أصوله، فيعجب به الزراع لقوّته وكثافته وغلظه وحسن منظره.
والخلاصة- إن هذا مثل ضربه الله لبدء الإسلام وترقيه فى الزيادة إلى أن قوى واستحكم وأعجب الناس.