(لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) أي لو سارع إلى ما أردتم قبل وضوح الأمر وأجاب ما أشرتم به عليه من الآراء لوقعتم فى الجهد والإثم، ولكنه لا يطيعكم فى غالب ما تريدون قبل وضوح وجهه له، ولا يسارع إلى العمل بما يبلغه قبل النظر فيه.
عن أبى سعيد الخدري أنه قرأ هذه الآية وقال: هذا نبيكم يوحى إليه، وخيار أئمتكم لو أطاعهم فى كثير من الأمر لعنتوا، فكيف بكم اليوم، أخرجه الترمذي.
ثم استدرك على ما سلف لبيان براءة بعضهم من أوصاف الأولين فقال:
(وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) أي ولكنّ جمعا منكم براء مما أنتم عليه من تصديق الكاذب وتزيين الإيقاع بالبرىء وإرادة أن يتبع الحق أهواءهم، لأن الله تعالى جعل الإيمان أحب الأشياء إليهم، فلا يقع منهم إلا ما يوافقه ويقتضيه من الأمور الصالحة وترك التسرع فى الأخبار، وكرّه إليهم هذه الأمور الثلاثة: الكفر والفسوق والعصيان.
والخلاصة- إن الإيمان الكامل إقرار باللسان، وتصديق بالجنان وعمل بالأركان، فكراهة الكفر فى مقابلة محبة الإيمان، وتزيينه فى القلوب هو التصديق بالجنان، والفسوق وهو الكذب فى مقابلة الإقرار باللسان، والعصيان فى مقابلة العمل بالأركان.
(أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) أي هؤلاء الذين هذه صفاتهم هم السالكون طريق السعادة ولم يميلوا عن الاستقامة.
(فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً) أي هذا العطاء الذي منحكموه تفضل منه عليكم وإنعام من لدنه