للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى جمع من المفسرين أن المعنى: إلا ليخضعوا لى ويتذللوا، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله، متذلل لمشيئته، منقاد لما قدره عليه، خلقهم على ما أراد، ورزقهم كما قضى، لا يملك أحد منهم لنفسه نفعا ولا ضرا.

وهذه الجملة مؤكدة للأمر بالتذكير وفيها تعليل له، فإن خلقهم لما ذكر يدعوه إلى تذكيرهم ويوجب عليهم التذكر والاتعاظ.

ثم ذكر أن شأنه مع عبيده ليس كشأن السادة مع عبيدهم فقال:

(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) أي إننى ما أريد أن أستعين بهم لجلب منفعة ولا دفع مضرة، فلا أصرّفهم فى تحصيل الأرزاق والمطاعم كما يفعل الموالي مع عبيدهم.

ثم علل هذا بقوله:

(إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) أي إنه تعالى غير محتاج إليهم بل هم الفقراء إليه فى جميع أحوالهم، لأنه خالقهم ورازقهم، وهو ذو القدرة والقوة الغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

روى أحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «يقول الله تعالى: يا ابن آدم تفرّغ لعبادتى أملأ صدرك غنى وأسدّ فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسدّ فقرك» .

ولما أقسم سبحانه على الصدق فى وعيدهم- أخبر بإيقاع هذا الوعيد بهم يوم القيامة فقال:

(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) أي فإن للذين ظلموا أنفسهم باشتغالهم بغير ما خلقوا له من العبادة، وإشراكهم بالله عز وجل وتكذيبهم رسوله نصيبا من العذاب مثل نصيب نظرائهم من الأمم السالفة التي كذبت رسلها.

(فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) أي فلا يطلبوا منى أن أعجل بالإتيان به، فإنى لا أخاف

<<  <  ج: ص:  >  >>