وروى الطبراني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا قال له: الكبائر سبع، فقال هى إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار اه.
وقيل الكبيرة: كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب أو حدّ فى الدنيا، أو أقدم صاحبه عليه من غير استشعار خوف أو ندم، أو ترتب عليه مفاسد كبيرة، ولو كان فى نظر الناس صغيرا، فمن أمسك إنسانا ليقتله ظالم، أو دل العدو على عورات البلاد فقد فعل أمرا عظيما، فيكون أكل مال اليتيم إذا قيس على هذين قليلا مع أنه من الكبائر.
ثم ذكر ما يدفع اليأس عن صاحب الكبيرة فى غفران ذنبه فقال:
(إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) فيغفر الصغائر باجتناب الكبائر، وله أن يغفر ما يشاء من الذنوب بعد التوبة الصادقة، والندم على ما فرط من مرتكبها إذا أخبت لربه وتجافى عن ذنبه.
(هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) أي هو بصير بأحوالكم، عليم بأقوالكم وأفعالكم حين ابتدأ خلقكم من التراب، وحين صوّركم فى الأرحام، على أطوار مختلفة، وصور شتى.
(فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) أي فإذا علمتم ذلك فلا تثنوا على أنفسكم بالطهارة من المعاصي، أو بزكاة العمل وزيادة الخير، بل اشكروا لله على فضله ومغفرته، فهو العليم بمن اتقى المعاصي، ومن ولغ فيها ودنّس نفسه باجتراحها.