(إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) هذا جواب من إبراهيم حين كسر الأصنام التي تعبد من دون الله، وسفّه أحلام عابديها، فسأله نمروذ عن ربه الذي يدعو إلى عبادته قال:(رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) .
فأنكر الملك الطاغية هذا الجواب.
و (قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) أي أنا أحيى من حكم عليه بالإعدام بالعفو عنه، وأميت من شئت إماتته بالأمر بقتله.
وهذا الإنكار من ذلك الملك الجبار يدل على أنه لم يفهم قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فإن الحياة في جوابه بمعنى إنشاء الحياة في جميع العوالم الحية من نبات وحيوان وغيرها، وإزالة الحياة بالموت- وفي جواب نمروذ بمعنى أنه يكون سببا في الإحياء والإماتة، من أجل هذا أوضح إبراهيم جوابه كما حكى سبحانه عنه.
(قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) أي إن ربي الذي يعطى الحياة ويسلبها بقدرته وإرادته، هو الذي يطلع الشمس من المشرق، فهو المكوّن لهذه الكائنات على ذلك النظام البديع، والسنن الحكيمة التي نشاهدها، فإن كنت تستطيع أن تفعل كما يفعل، فغيّر لنا شيئا من هذه النظم، فالشمس تطلع من المشرق فحوّلها وائت بها من المغرب.
(فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أي فدهش ولم يجد جوابا، وكأنما ألقمه حجرا.
(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن الله لا يهدى من أعرض عن قبول الهداية، ولم ينظر في الدلائل التي توصل إلى معرفة الحق ويستسلم للطاغوت، ويترك ما أعطاه الله من الفهم، اتباعا لهواه وشهواته التي تزين له ما هو فيه، وهو حينئذ قد ظلم نفسه وضلّ صلالا بعيدا.